10 أمور يجب وضعها بعين الاعتبار عند التخطيط الاستراتيجي
10 حقائق يجب معرفتها حول التخطيط الاستراتيجي للدولة
منذ 2 سنة | فريق التحرير
تحتاج إدارة أي مشروع صغير إلى خطة تتبعها جميع عناصره، ماذا لو كان المشروع دولة؟ لذا يعد التخطيط الاستراتيجي للدولة أحد الأسس الرئيسة التي تبنى عليها الدول؛ فهو يربط الماضي بالحاضر ليضع نظرة واقعية للمستقبل معتمدة على حقائق وموارد حالية. فما الحقائق التي تحتاج معرفتها حول التخطيط الاستراتيجي للدولة؟
عناصر المقال:
1. استراتيجوس Strategos كلمة يونانية الأصل
بغرض فهم الموضوع من بدايته، عليك معرفة جذور كلمة "استراتيجية"؛ لتضع يدك على مقدمات مفهوم التخطيط الاستراتيجي للدولة. يرجع البعض أصل الكلمة إلى استراتيجوس Strategos، وهي باليونانية تعني فنون الحرب وإدارة المعركة، كما يعرف قاموس أوكسفورد The Concise Oxford Dictionary كلمة استراتيجية بأنها تعني فن تعبئة وتحريك المعدات الحربية؛ مما يدل على أهمية مكانة الاستراتيجيات وتنظيم الخطط وحصر دورها في المعارك بالماضي.
من الواضح أن الاستراتيجيات والتخطيط للمعارك أثبتت كفاءتها حين اعتمدت على أفكار خلاّقة وأرقام تعبر عن حقائق وأهداف طموحة، لذا انتقل التخطيط الاستراتيجي من ساحة المعركة خارج أسوار المدينة إلى داخلها؛ ليتم استخدامه في إدارة الاقتصاد والموارد الطبيعية والبشرية وتدبير شؤون الدولة العامة.
2. التخطيط الاستراتيجي للدولة هو أساس الإدارة الحديثة
في عصرنا الحديث، كل بيئة، سواء كانت صغيرة أم كبيرة، ازدادت تعقيداتها وكبرت تحدياتها؛ بسبب العولمة وتأثيراتها. فحين يصبح العالم بأكمله قرية صغيرة، يسهل معرفة البرامج التي تتبناها الدول والشركات والمنظمات، مما يجعل التنافس على أشده بين جميع الهيئات؛ لتقع المسؤولية في النهاية على عاتق الإدارة، والتي عليها إدارة الموقف بحكمة، واللجوء إلى التخطيط الاستراتيجي هو أحد نواحي تلك الحكمة.
التخطيط هنا يحقق التكامل والتنسيق بين كافة الوحدات التنظيمية والمستويات الإدارية، فلا يحرك الموقف قرارات أساسها هوى أو مصلحة فردية أو حتى مصلحة إدارة بعينها دون الباقي. إنما صناعة القرار ستسير على خطى الخطة الاستراتيجية الموضوعة، وبدون التخطيط الاستراتيجي تقع حالة الصدام والصراع وبالتالي يحدث هدر للموارد دون تحقيق الأهداف المطلوبة.
وقبل تناول النتائج المترتبة على التخطيط الاستراتيجي، يجب عليك معرفة بعض العناصر، أهمها تعريف التخطيط الاستراتيجي.
مفهوم التخطيط الاستراتيجي للدولة الحديثة
هو مجموعة الأطر والفلسفات التي تتحكم في قرارات الدولة والخطط المنبثقة عنها، والتي تشمل الخطط طويلة المدى والقصيرة المدى، لإقامة تكامل وترابط بين أهداف كبرى جريئة تسعى الخطة الاستراتيجية لتحقيقها.
التخطيط الاستراتيجي هو جزء من الإدارة الاستراتيجية، والذي يهدف إلى انسجام جميع عناصر الدولة وعملها على تحقيق نفس الأغراض في تناغم. فتقوم الدولة فيه بتحديد أولوياتها، تدعيم عملياتها الداخلية، حصر الموارد المتاحة وتخطيط إدارتها.
من أهم سمات التخطيط الاستراتيجي للدولة هو العمق، فالتخطيط يسبقه التحليل الاستراتيجي، وهو التعرف بعمق على الوضع الراهن ونقاط قوة الدولة وضعفها وجذور المشكلات التي تواجهها، وتلي مرحلة التحليل اختيار التوجه الأساسي للدولة وتعريف الأهداف الوطنية والتي تنتهي بصياغة الاستراتيجية المتفق عليها.
يصنع التخطيط الاستراتيجي للدولة موضعًا خاصًا يجعلها صانعة للأحداث من مركز الفعل لا رد الفعل، فكل ما تقوم به الدولة سيكون بناءً على رؤية مستقبلية تتماشى مع احتياجات الحاضر؛ لتطور نتائج مبهرة في المستقبل.
3. التخطيط الاستراتيجي للدولة يسعى لأهداف جريئة مؤثرة طويلة المدى
يشمل التخطيط الاستراتيجي للدولة أهداف متنوعة، تتسم بعضها بطول المدى، وأخرى قصيرة، وغيرها متوسطة والأخيرة متناهية الصغر، هي كلها أهداف ضمن الخطة، تقوم بخدمة الأهداف الكبرى طويلة المدى، والتي لها خصائص محددة لا يمكن إسقاط واحدة منها.
أي هدف لا يتسم بالجرأة لا يعد استراتيجيًا، فالجرأة مصدرها مواجهة مشكلة ما، ريادة صناعة جديدة في البيئة المحلية، زراعة محاصيل متطورة في تربة غير خصبة، وغيرها من الأمور التي قد تتسم بالمخاطرة والتحدي. كما أن هذا الهدف ليس نتيجة ضغط من المجتمع المدني أو أحد الهيئات النيابية أو غيرها، لكنه في صورة مبادرة نابع من الدولة نفسها ممثلة في هيئاتها ومؤسساتها.
يجب أن تكون تلك الأهداف الاستراتيجية مؤثرة على الوعي القومي، واقتصاد الوطن، وميزان القوى بالمنطقة، فإن لم تكن مهمة إلى ذلك الحد، فلا عائد قيّم منها، ولا داعي وضعها كهدف استراتيجي.
4. يستحيل وضع استراتيجية بناءً على نموذج سوات للتحليل الاستراتيجي وحده
كما ذكرنا أحد أهم مراحل التخطيط الاستراتيجي للدولة هو التحليل، وهناك عدة نماذج للتحليل الاستراتيجي، قد يكون أشهرهم SWOT سوات، ورغم تغطيته لأربع جوانب هامة إلا أنه لا يكفي لصياغة خطة استراتيجية. سوات يحلل الموقف من خلال النظر إلى أربعة نقاط، نقاط الضعف، نقاط القوى، الفرص، وأخيرًا المهددات.
نقاط القوة للدولة تكون ممثلة في الموارد المادية والمعنوية، وهي التي تولد الفرص المستقبلية. أما عن نقاط الضعف فهي الظروف الداخلية التي تمنع تحقيق المصالح الاستراتيجية للدولة، وكذلك المهددات هي الأوضاع الموجودة في البيئة الخارجية والتي تصنع عقبة أمام تحقيق الغايات.
تحليل سوات يُستخدم بعد الانتهاء من تحليل جميع أوضاع الدولة الأخرى، فبعد الانتهاء من عمليات التحليل هذه يتم تصنيفها في تحليل سوات إلى نقاط قوة وضعف وفرص ومهددات.
وهناك عدة نماذج للتحليل يمكن استخداماه كنموذج بيست PEST للتحليل الاستراتيجي. إلا أن البروفيسور محمد حسين أبو صالح يرى أن نموذج بيست يفتقر إلى عدة عناصر منها دور الإعلام والثقافة كقوى ناعمة في تحليل الموقف الاستراتيجي بالإضافة إلى غياب دور القوى الأمنية كقوة دفاع عسكرية أو قوى أمن داخلية في النموذج. لذلك أنتج نموذج سيمبيست SIMPEST ليغطي جميع الجوانب الهامة للتحليل الاستراتيجي.
كما توجد نماذج أخرى غرضها الأساسي الربط بين السياسة وجغرافية الموقع مثل النموذج الجيوبوليتيكي Geopolitical Analysis، أو الربط بين جغرافية الموقع وأثره على الأمن القومي مثل النموذج الجيوستراتيجي Geostrategy، والتي تعد جزء من الدراسات الجيوسياسية.كلها نماذج يجب أخذها في الاعتبار أثناء التحليل الاستراتيجي.
5. يحدد التخطيط الاستراتيجي أولويات الدولة
بتحديد الرؤية العامة ووضع نص للمهمة الكبرى تصف ما تحتاج الدولة من أدائه لتحقيق رؤيتها، تلجأ الدولة للتخطيط الاستراتيجي لتولد من أهدافها مجموعة من البرامج والمشاريع لتصل بها لتلك الأهداف. تلك البرامج والمشاريع يجب أن تكون محددة ويجب ترتيبها حسب درجة أهميتها وموقعها من الخط الزمني.
وتكون مرتبطة بجميع مؤسسات الدولة، لذلك لن تكون في هيئة خطوات متتالية بل ستُنفذ في شكل متوازي، لتسير الدولة إلى أهدافها بسهولة دون عوائق أو عقبات تعطلها، ولكن كأي خطة ستوجد مهام معتمدة على أخرى، فلن تستطيع الدولة إنهاء مهمة ما إلا بإنهاء سابقتها.
المهام المتعلقة بالتخطيط الاستراتيجي، تكون مهام كبرى مثل: تقليل الدين المحلي، تحقيق الاكتفاء الذاتي في صناعة ما، تصدير محصول محدد خارج البلاد، …إلخ. لينبثق عن تلك المهام الكبرى، خطوات تتعلق بكل مؤسسة وهيئة مرتبط بكل مهمة، ليصل الأمر إلى الأفراد والموظفين وتحديد المطلوب منهم لأداء الدور الذي يصب في النهاية في المهام الكبرى.
فالتخطيط الاستراتيجي للدولة مثل شبكة الطرق التي تصل مدن، قد تبدو منعزلة، ببعضها البعض؛ لينتج عن تلك الروابط مزيد من الإنتاجية وما يصب في الصالح العام.
6. يشكل التخطيط الاستراتيجي للدولة مستقبلها المنشود
من خصائص الخطة الاستراتيجية عدم ارتباطها بحكومة معينة، فهي لا تتبدل مع تغير الحكومات، ولذلك هي تسمى خطة الدولة لا الحكومة. ومهما طال عمر حكومة ما بالسلطة، فإن عمر الاستراتيجية سيكون أطول، فاستمرار تنفيذها والمحافظة على عناصرها دليل على ثبات الأهداف وعدم التنازل عنها.
من عناصر التخطيط الاستراتيجي هو وضع تصور مستقبلي للدولة، ويرتبط رسم تلك الصورة بدراسات مستقبلية تمهد الطريق لتطوير أبعاد التخطيط الاستراتيجي. والدراسات المستقبلية هي عبارة عن بحث علمي منظم يضع احتمالات وارد حدوثها بناءً على شروط معينة، وتعتمد تلك النتائج المنتظرة على مشاهدات في الماضي والحاضر يصل بها الملاحظ إلى المستقبل.
الدراسات المستقبلية لها أربعة مناهج هي: الاستكشافي، الاستهدافي، الحدسي، التحليل المستقبلي. تُجمع خصائصها في منهج مركب وهو استشراف المستقبل، والذي يتسم بالشمولية وعدم التحيز وتبني أسلوب المحاكاة. ينتهي دور الدراسات المستقبلية في معرفة ما تشرف الدولة على رؤيته، ليبدأ دور التخطيط الاستراتيجي في تحدبد أساليب التنفيذ لتحويل الصورة المستقبلية إلى واقع نقطة بدايته من الحاضر.
7. محاور التخطيط الاستراتيجي تهتم بالفرص المستقبلية والموارد الحالية
المحاور عبارة عن نقاط عامة يجب على المخطط تغطيتها أيًا كان مستواه، ويمكن اختصار تلك المحاور إلى ثلاث كتل:
1- كتلة ذات عوامل داخلية
- الاهتمام بالتعرف على موارد الدولة ومميزاتها المادية والمعنوية
- الاهتمام بتحديد أفضل الأساليب وأكثر الطرق تميزًا لاستخدام تلك الموارد والمميزات
- تحديد طرق معالجة المشكلات ونقاط الضعف التي تعاني منها الدولة
2- كتلة ذات عوامل خارجية
- تعيين التهديدات التي تواجهها الدولة ومناهج التعامل معها
- بحث النقاط التنافسية للدولة مع غيرها من الدول
- تحديد الفرص المتاحة ويمكن للدولة اقتناصها
- وضع الأساليب المناسبة لاستغلال تلك الفرص
3- كتلة ذات عوامل داخلية - خارجية
- عمل التغييرات الاستراتيجية المطلوبة لتحقيق الأهداف
- تدشين تنسيق وطني للأنشطة المختلفة
- ربط الدولة بقوة ببيئتها وتحسين تلك الروابط
هي عشرة محاور يتناولها أي مخطط استراتيجي للدولة على مختلف المستويات، وهذا ينقلنا إلى مستويات التخطيط الاستراتيجي.
8. تبدأ مستويات التخطيط الاستراتيجي من القومية هبوطًا إلى الإدارية
التخطيط الاستراتيجي لا يحتوي على نظرة أحادية أو ثنائية الأبعاد، ولكنه يراعي الواقع ويتماشى معه، لذلك ينظر من خلال منظور ثلاثي الأبعاد، في شكل مخروطي كل شريحة به تعبر عن مستوى هام من مستويات هيكل الدولة.
يبدأ التخطيط الاستراتيجي من المستوى الأعلى حيث توجد النظرة الشاملة للدولة، ولذلك فهو يسمى المستوى الوطني أو القومي، حيث تحدد فيه الخطة الاستراتيجية أهداف الدولة الكبرى. في المستوى التالي، يكسر المخطط الأهداف الكبرى السابقة إلى مجموعة من الأهداف الأصغر حجمًا لتناسب التخطيط الاستراتيجي الحكومي وقطاعات الدولة المختلفة من ثقافة وإعلام وبيئة وغيرها وربطها بأهداف الدولة.
في المستوى الثالث يفكك التخطيط الاستراتيجي القطاعات ليصنع استراتيجية قائمة بذاته خاصة بكل مجال من زراعة وتعدين وصناعة وغيرها، لتنتهي مستويات التخطيط الاستراتيجي إلى مستوى القاعدة، والتي تشمل الإدارات والمؤسسات التابعة لمختلف الوزارات، فتتناول الاستراتيجية الأهداف الخاصة بكل عنصر من عناصرها لخدمة ما يعلوها.
9. قد تضم الاستراتيجية الواحدة أكثر من نوع في خططها
أنواع التخطيط الاستراتيجي عديدة، أهمها استراتيجية القوة العظمى، وهي استراتيجية تسمح للدولة بامتلاك الأدوات التي تمكنها من صناعة نظام عالمي وإدارته منفردة أو بمشاركة دول أخرى، وهي استراتيجية تتطور مع الوقت لينتج عنها استراتيجية المبادرة، وهي من الممكن أن تؤدي إلى صراع بين قوتين أو كتلتين، إحدى الكتلتين مستفيدة من النظام العالمي الجديد والأخرى تريد تأسيس نظام عالمي آخر.
استراتيجية المنطقة الوسطى هو نوع من الاستراتيجيات يسعى إلى تطبيقه كثير من الدول، حيث تصل فيه الدولة إلى القوة والمكانة الكافية للدفاع عن مصالحها الداخلية والخارجية، وبنفس الوقت لا تدفع نفسها إلى بدء صراع دولي أو مواجهة أممية.
أما عن استراتيجية الدفاع أو التأسيس، فهي تعمل على تقوية موقف الدولة من الناحية السياسية من خلال المفاوضات والمعاهدات والطرق الدبلوماسية، فتسعى الدولة بها دائمًا إلى تطوير قدراتها التفاوضية وتجنب المواجهة المباشرة.
10. لا تخطيط بدون تنظيم
التخطيط والتنظيم كعجلات العجلة الهوائية لا يمكن استغناء واحدة عن أخرى، تحليل الماضي والحاضر الذي تتضمنه عملية التخطيط يحتاج إلى تصميم تنظيم إداري مرن للوصول إلى الأهداف المطلوب تحقيقها.
يشمل التخطيط تحديد السياسات والأساليب الأساسية للوصول إلى الأهداف بالجودة والتكلفة المناسبة ،ولن يستطيع التخطيط إنجاز ذلك دون نظام تواصل إداري يؤسس روابط رأسية قوية بين الإدارات وما يعلوها من جهات، كذلك يؤسس روابط أفقية فعالة بين الإدارات المختلفة ذات الأعمال والأهداف المشتركة.
كما أن تحديد الثقافة التنظيمية والفلسفة المرتبطة بكل نشاط لن تترجم إلى أرض الواقع دون تحديد الأدوار والمهام الخاصة بكل فرد وقسم وإدارة والذي يحققه التنظيم.
يتعين على كل دولة تحديد أهدافها، وهي أهداف تسعى إلى زيادة سيادتها الدولية ونمو تأثيرها العالمي، ولن تستطيع الدولة تحقيق ذلك دون تحديد للأنشطة والعمليات اللازمة، ولذلك سيظل التخطيط الاستراتيجي للدولة هو الوسيلة المثالية للوصول إلى الغاية.
لإتقان مهارات التخطيط الاستراتيجي للدولة، يمكنك المشاركة الآن في البرنامج التدريبي الاحترافي: التخطيط الاستراتيجي للدولة والذي سيمكنك من اكتساب مهارات التخطيط الاستراتيجي للدولة في المجالات الرئيسة للدولة.
التعليقات
لا يوجد أي تعليقات لعرضها.
تسجيل الدخول